قصة الحمار الذكي
كان هناك بائع ملح مشهور في إحدى القرى. كان رجلاً طيبًا يعمل بجد لتوفير قوت يومه. وكان لديه حمار مخلص يساعده في نقل أكياس الملح يوميًا إلى السوق القريبة. اعتاد البائع على العمل مع الحمار الذكي لفترة طويلة، وكان يعتبره شريكًا في كسب الرزق. ومع ذلك، لم يكن يعلم أن شريكه هذا يحمل ذكاءً فريدًا، وأحيانًا كان يستخدمه بطريقة لا تخلو من المكر.
بداية القصة
في أحد الأيام، اضطر البائع وحماره لعبور نهر صغير للوصول إلى السوق. كان هذا النهر في منتصف الطريق، ولا مفر من عبوره يوميًا. وفي أثناء عبورهما، تعثر الحمار الذكي بطريقة تبدو عفوية، وسقطت أكياس الملح في الماء. وفي تلك اللحظة، لاحظ البائع أن الأكياس أصبحت أخف وزناً، فقد ذاب الملح تمامًا في الماء.
ابتسم الحمار الذكي بخبث عندما شعر بأن الحمل قد خف عن ظهره. أما البائع، فكان غاضبًا ولكنه اعتقد أن ما حدث كان مجرد حادث عرضي. ومع ذلك، بدأ يلاحظ تكرار هذه الحيلة في الأيام التالية.
الحمار يتفنن في الحيلة
في كل مرة يعبران النهر، كان الحمار يتعثر ويسقط الأكياس في الماء. وبفضل هذه الحيلة، كان الحمار يقضي يومه بحمل أخف، بينما يتكبد البائع خسائر كبيرة في بضائعه. أصبح الأمر واضحًا للبائع: الحمار الذكي ليس مجرد حيوان عادي؛ إنه يستخدم ذكاءه لتجنب العمل الشاق.
بدأ البائع يفكر في كيفية التعامل مع هذا الوضع. فهو بحاجة إلى الحمار الذكي لنقل البضائع، ولكن لا يمكنه تحمل المزيد من الخسائر.
خطة البائع
قرر البائع أن يلقن الحمار درسًا لن ينساه. في اليوم التالي، بدلًا من ملء الأكياس بالملح، قام بوضع القطن فيها. القطن خفيف، ولن يذوب في الماء، بل سيمتصه. نظر الحمار إلى البائع وهو يضع الأكياس على ظهره، ولم يلاحظ أي تغيير.
عندما وصلا إلى النهر، كرر الحمار الذكي حيلته المعتادة. تعثر وسقطت الأكياس في الماء. ولكن بدلاً من أن يخف الحمل، شعر الحمار بوزن ثقيل يزداد مع كل لحظة. حاول الوقوف، لكنه وجد صعوبة في الحركة. فقد امتص القطن الماء، وأصبح أثقل بكثير مما كان يتوقع.
الحمار الذكي يتعلم الدرس
كانت تلك اللحظة مفاجأة كبيرة للحمار. حاول جاهدًا الخروج من الماء، ولكن الأمر لم يكن سهلًا. استغرق وقتًا طويلاً وجهدًا كبيرًا ليخرج الأكياس من النهر. وفي نهاية المطاف، وصل إلى الجهة الأخرى مرهقًا، وقد أدرك أن الحيلة التي كان يعتبرها ذكاءً قد ارتدت عليه.
نظر البائع إلى الحمار وقال:
- “يا صديقي، الذكاء ليس في التهرب من المسؤوليات، بل في أداء العمل بإخلاص. اليوم تعلمت درسًا مهمًا، وأتمنى ألا تعيد هذه الحيلة مرة أخرى.”
كان الحمار ينظر إلى البائع وكأنه يفهم كلامه. ومنذ ذلك اليوم، تغيرت تصرفات الحمار. أصبح أكثر التزامًا وأقل مكرًا، وبدأ يعمل بجد دون محاولة التهرب.
الحمار يفكر في الماضي
بعد الحادثة، وبينما كان الحمار يستريح في الإسطبل، بدأ يفكر في الأيام الماضية. تذكر كل مرة حاول فيها التلاعب بالبائع، وكيف كان يشعر بالانتصار في البداية. لكنه أدرك الآن أن انتصاره كان وهميًا، فقد خسر احترام صاحبه وكاد أن يتسبب له بخسائر كبيرة. فكر الحمار في مدى صبر البائع عليه، وكيف لم يعامله بقسوة رغم الخدع التي قام بها. في تلك اللحظة، شعر الحمار بالندم وقرر أن يكون حيوانًا أكثر وفاءً واجتهادًا. كانت هذه اللحظة بمثابة نقطة تحول في حياته، وأصبحت علاقته بالبائع أقوى من أي وقت مضى.
علاقة جديدة بين البائع والحمار
بعد هذه الحادثة، تحسنت العلاقة بين البائع وحماره. أصبح البائع يعامل الحمار بحب وتقدير، ويعطيه وقتًا للراحة والمكافآت. أما الحمار، فكان يعمل بكل إخلاص دون تذمر.
انتشرت قصة البائع وحماره في القرية، وأصبحت درسًا للأطفال والكبار عن أهمية الأمانة والاجتهاد. كان البائع يقول لكل من يستمع إليه:
- “الحمار علمني شيئًا مهمًا. الذكاء ليس في الاحتيال، بل في التعاون والعمل الجاد.”
الحكمة من القصة
هذه القصة تحمل درسًا للجميع. فقد يكون الذكاء أداة قوية إذا استُخدم بحكمة، ولكنه قد يصبح عبئًا إذا استُخدم بطرق ملتوية. الحمار الذكي أصبح رمزًا للتعلم من الأخطاء، والبائع الحكيم أثبت أن الصبر والتفكير يمكن أن يحلا أصعب المشكلات.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.